دون بوسكو: أبو الشبيبة ومعلمها

مسيرة تحديات، وحضور إلهي!

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في 31/1 بعيد القديس يوحنا بوسكو، مؤسس الرهبنة الساليزيانية وجمعية بنات مريم أم المعونة وجمعية السالزيان المعاونين، والأجمل صديق الشباب.

هو ذاك الإنسان الحالم ابن قرية Becchiالإيطالية، ولد وسط عائلة بسيطة كاثوليكية غنية بالإيمان، ومنذ صغر سنه كانت الصعوبات حاضرة في حياته، وكذلك نعمة الرب وإشاراته الكثيرة. بعد سنتين فقط من ولادته، خسر يوحنا بوسكو والده وأصبح يتيمًا، ولكن المفاجأة كانت بعد سنوات أن يكون يوحنا بوسكو والدًا للكثير من الشبان والشابات ولغاية اليوم!

لم تكن حياة يوحنا بوسكو سهلةً أبدًا، ولكن دائمًا لمسة الرب كانت حاضرة في كل مراحل حياته، بدايةً من الفقر المادي الذي كان عائقًا له ليكمل تحصيله العلمي، حياته في المنزل مع شقيقه الكبير الذي كان شديد القسوة معه وبالرغم من هذا بقي يوحنا بوسكو يحب شقيقه ويصلي من أجله. أمام كل هذه الصعوبات كانت والدته ماما مارغريتا حاضره بحنانها ومحبتها، تقدم له العون ليكمل الدرب ويجتاز بالعمل كل ما يمكن أن يحبط ويعيق تحقيق أحلامه!

نعم أحلامه! في عمر التسع سنوات حلم دون بوسكو حلمًا طبع مسيرة حياتها كلها، لقد كان هذا الحلم بمثابة دليل من الرب ليوحنا بوسكو بأنه يحمل رسالة! حلم دون بوسكو “أنه مع أطفال آخرين كانوا يلعبون، يصرخون ويجدفون. فبدأ يلكمهم بسبب تجديفهم، وعندها ظهر له شخص جليل وقال له: “لا بالضرب، بل بالمحبة والوداعة ستربح أصدقاءك هؤلاء لي”. وللحلم بقية طويلة وهنالك أحلام كثيرة أخرى. لم يعرف حينها يوحنا بوسكو من هو الشخص الذي كان يحدثه عندها سأل وعرف أنه يسوع، أحتار طفل التسع سنوات كيف سيقوم بهذه المهمة وهي هداية النفوس، وتوقيت بداية هذا العمل ولكن كانت مريم العذراء حاضرة في هذا الحلم النبوي لتساعد لاحقًا دون بوسكو الكاهن في رسالته. ومع الأيام نمت دعوة الله في قلب هذا القديس ليتابع لسنوات تحصيله العلمي متحديًا كل الظروف الصعبة، ويتمكن بعدها من أن ينتهي من دراسته ويقرر أن يصبح كاهناً في خدمة الرب ومع الشبيبة ولأجلها يقدم عمره لتنعم هذه النفوس بالخلاص.

شبيبة تواجه التحديات مع معلم الشبيبة

آمن دون بوسكو بأحلامه، لأنها كانت من الله وبهذا الإيمان أجتاز التحديات الكبيرة كلها، وبثقة أن يد الرب تعمل من خلاله وفي قلبه، لقد كانت مشيئة الرب أن يهتم دون بوسكو بالشبيبة ومن أجلها كانت كل مشاريعه، تأسيس رهبانية سالزيانية تعنى بالشبيبة وفق أسلوب تربوي متجدد ويواكب تطلعات الشباب، جمعية السالزيان المعاونين التي تساعد بدورها الرهبان في خدمة المراكز، بالإضافة إلى المدارس التي تقدم العلم للطلاب، وأيضًا راهبات بنات مريم أم المعونة.

ضمن هذه الأجواء العائلية يجد كل شاب وشابة الدور والقيمة التي تعطي الإنسان القدرة على تحسين المجتمع وإعطاء صورة مميزة عن نعمة أن يكون الفرد سالزيانيًا، فمن خلال المراكز الموجودة في كل العالم يقدم أولاد دون بوسكو نموذجًا يحتذى به بحق، ففرح الخدمة الذي زرعه معلم الشبيبة حي في قلوب كل من دخل هذا البيت، ومع هذا الرجاء تعيش الشبيبة واقعها وتتابع رسالتها.

رسالة فرح وخدمة مستمرة

تستمر الجماعة السالزيانية حول العالم بحمل رسالة المسيح، وعلى خطى معلمها القديس وصديق الشبيبة دون بوسكو تسيير وتتابع شهادتها، في أكثر من 130 بلد أبواب مراكز دون بوسكو مفتوحه، ويعمل الرهبان بجهد ليحافظوا على هذا الارث الثمين، وفوق ذلك تطوير مؤسساتي دائم يناسب تطلعات الشبيبة، ففي الشرق الاوسط يستمر السالزيان بالعمل وبصمت يحاولوا تعزية قلوب العائلات الحزينة في ظل الحروب التي شهدتها بلادنا الحبيبة، ويساعدوا الشبيبة على مختلف الأصعدة ليبقوا كعلامة أمل ورجاء في مجتمعاتهم.

هذه هي رسالة السالزيان، الإيمان بقيمة كل شاب وشابة ومن هذا الإيمان تنطلق كل أعمال الرهبنة في المراكز والمدارس والأخويات وفق توجيه رسولي سنوي وأسلوب تربوي وقائي، هي لمسة دون بوسكو الساحرة والمبدعة في قلب كل أبناءه وهو الذي قال فرحي وحياتي أن أكون بين الشباب.

هنيئًا لنا بهذه العطية التي قدمها الرب لنا، ونعمة حضور السالزيان بيننا، ودامت أبواب كل المراكز مفتوحه. حيث في هذه الأيام كذلك يتذكر سكان مدينة القامشلي السورية وشبيبتها، المعلم وصديق الشبيبة في عيده بعد سنوات من مغادرة السالزيان المنطقة، إلا أن الرسالة باقية وبأشكال كثيرة كعلامة حب ووفاء لصديق الشبيبة، ولكل الكهنة الذين خدموا المنطقة بإخلاص وتفاني.

Facebook
Twitter
WhatsApp
Email