الإنسانية ميزان

أيها الاحباء،

دعونا نَنظُر إلى الله بعيداً كلّ البعدِ عَن وجُوده أو عَدمِ وجودِه ، فواقعُنا الحالي قَدْ يَصلُ بِنا إلى درجةِ الإلحادِ المُعلنِ وحتى الإلحاد المُبطنِ عِندَ بعضِ المُؤمنين او حتى رِجالِ الدّينِ. والأن لننظر الى الله من الناحيةِ الإنسانيّةِ، والتي من المُفترَضِ أنْ تكونَ أساس كلّ شيء.

إذا نظرنا إلى دعوة الله من خلال انبيائه ورسله وإلخ… فهي بالمُجمَل لخيرِ الإنسان والإنسانيّة وليسَتْ لتعقيد البشريّة، أو حتى ليتنازلوا عن حقوقهم في ظل تفشي الشر واللاإنسانية فحين يغيب مصدر الخير وتُفقد الانسانية فينتشر (الشرّ، السرقة، القتل، الانتقام، الحقد، الكراهيّة، غياب المساواة والظلم… إلخ)؛ فهذه كلّها نتيجة بعدنا عن الخير وعدم احقاق الحق ودعم الإنسانية.

فالكثير منا يلجأ إلى الكتب الحديثة التي كتبت من على يد البشر لإيجاد طرق لحل مواقف ومشاكل شخصية يتعرضون لها يومياً يمرّون بها أو لتعلُم وسائل وطرق جديدة لتطوير ذواتهم ولغايات أُخرى متعددة، بالرغم من أنّه يمكننا إيجاد جميع هذهِ الغايات في كلام الله الذي دونه لنا من خلال انبيائه.

لا أُقلل من قيمة الكتب الأُخرى وأهمية الثقافة بانواعها والبقاء على اطّلاع دائم على العلوم الانسانية ولا إنكارًا بأهمية رغبة الإنسان بتطوير ذاته، فهذا شيء هام لا بل ضروري، الا أنه من المهم ان نعرف كيف نقرأ كلام الله من منظور العلوم الانسانية وقراة العلوم الإنسانية من منظور كلمة الله التي هي الاساس.

لنعيش إنسانيتنا بعيدًا عن التاريخ الديّني المُوروث والذي نُدافع عنه مع غياب معرفتنا واطّلاعنا العميقين بعقائدنا الدّينية الأساسية بالرغم من أنّ أعز أصدقائنا هم من يختلفون عنا بالكثير سواء أكان الدين أم العِرق أم اللون أم الطائفة والعديد من الإختلافاتِ الأُخرى.

فالدفاع عن شعاراتٍ وأقوالٍ وكُتبٍ دُونَ التّعمق بها وفهمها وعيشها كالذي يعيش فوق أرضِ غيره.

فالكثير منا يدافع عمّا ورث من شعارات وأقوال وكُتُب، وفي الواقع هو لا يعلم أبسط الأشياء فيها، مع علمنا بوجود مَنْ يعلم بهذه الأشياء ومثقف بها، لكن دفاعه بشكل متعصبٍ وعنصريّ، وهناك من يَملك كلّ ما ذكر ولكنّه إِنسان يحَترمُ ويقدّرُ العيش المشترك والإنسانيّة.

فحتى لو اختلفت الأديان واختلف رجالها فهذا لا يعني عدم الامتثال للخير العام فهناك الكثير من الفلاسفة و العلماء الذين يحاولون إيجاد تفسيرات كثيرة لهذه التناقضات وإثباتها ومع ذلك ما زال العلم يفشل بذلك بالرغم من وجود رواد كثيرين لهذا التيار والعديد من التيارات الأخرى.

فلو تحرر من الفكر الذين يظنون أن الدين والصلاة تقيهم من أعمال الشر أو الفساد فسيجدون أنفسهم باحثيين حقيقين عن الله مصدر الخيروالذي سيظهر في النهاية موقفهم الحقيقي من الله ومن الاخر. فمنهم من هو متحرر ومحافظ على إنسانيتهِ اي هو قريب من اللهِ ولكن لا يعترف بذلك لأن الله خير ومحبة ولكن موقفه من الأديان عبر التاريخ سيبقى مشكلة ماثلة أمامه.

فثمارنا هي نتيجة ما نزرع فدعونا نسعى للانسانية وخير الانسانية من خلال خير الله ووجوده في حياتنا. فليست الرّحمة لوناً من الشفقة العارضة وإنما هي نبعُ للرقة الدائمة ودماثة الأخلاق.

إذا كان أصْلي من تراب، فكلها بلادي.
إذا كان أصْلي إنسان، فكلنا واحد.

Facebook
Twitter
WhatsApp
Email